درس المغرب (الكفاح من أجل الاستقلال واستكمال الوحدة الترابية) |
درس المغرب (الكفاح من أجل الاستقلال واستكمال الوحدة الترابية) مقدمة:
ظهرت المقاومة السياسية في المغرب ابتداءا من سنة 1934 م بزعامة رواد الحركة الوطنية، الذين عملوا على مناهضة نظام الحماية بوسائل مختلفة للمطالبة بالإصلاحات طيلة فترة ما بين الحربين، ومباشرة بعد إقدام السلطات الاستعمارية على نفي المغفور له السلطان محمد الخامس إلى جزيرة مدغشقر انطلقت المرحلة الثانية من المقاومة المسلحة سنة 1953 م، انتهت باسترجاع المغرب استقلاله سنة 1956, ثم العمل بعد ذلك على استكمال وحدته الترابية .
- فما هي ظروف نشأة الحركة الوطنية، ومطالبتها بالإصلاحات خلال الثلاثينيات؟
- و ما هي عوامل ومظاهر المطالبة بالاستقلال؟
- و ما هو دور ثورة الملك والشعب في استقلال البلاد؟
- و ما هي جهود المغرب لاستكمال وحدته الترابية؟
I - نشأة الحركة الوطنية ومطالبتها بالإصلاحات خلال الثلاثينات :
1 - ظروف نشأة الحركة الوطنية:
أصدرت فرنسا يوم 16 ماي 1930 م الظهير البربري للفصل بين العرب والبربر، وتطبيق سياسة " فرق تسد ،" وأهم ما نص عليه هذا القانون هو إحداث محاكم عرفية في المناطق الأمازيغية غير الخاضعة لسلطة المخزن، بهدف خلق تفرقة عرقية بين مكونات الشعب المغربي، لكن جميع مكونات الشعب المغربي تعبأت من أجل معارضة السياسة البربرية، ورافق ذلك احتجاجات ومظاهرات ردت عليها سلطات الاحتلال باعتقال مئات المواطنين، فنتج عن ذلك ظهور حركة سياسية معارضة لنظام الحماية عرفت بـ" الحركة الوطنية المغربية ،" التي أسست " كتلة العمل الوطني " على يد شبان مغاربة تخرجوا من جامعة القرويين والمعاهد الفرنسية (أمثال علال الفاسي، ومحمد بن الحسن الوزاني... ،) وكانت " كتلة العمل الوطني " هي أول حزب سياسي ظهر بالمغرب ، أصدر سنة 1933 م جريدة " عمل الشعب " التي دعت إلى الاحتفال بعيد العرش ، كما عمل على تقديم وثيقة المطالبة بالإصلاحات للسلطات الفرنسية تحت اسم " مطالب الشعب المغربي :"
على المستوى الإداري: المطالبة بإلغاء الإدارة الفرنسية المباشرة وتأسيس مجلس وطني، احترام الحدود المغربية والمعاهدات الإدارية الدولية، وإلغاء وسائل التعذيب.
على المستوى الاجتماعي: المطالبة بإجبارية التعليم الابتدائي، ومحاربة الأمية ومحاربة البطالة، وبناء المستشفيات، والعمل 8 ساعات في اليوم فقط ...
على المستوى الاقتصادي والمالي: طالب البرنامج بوقف الاستيطان الرسمي ، والمساواة في الضرائب مع المعمرين ، وحماية الصناعة التقليدية من المنافسة الخارجية، وإلغاء الرسوم بين المناطق المغربية، وتكوين تعاونيات فلاحية ...
وبعد رفض هذه المطالب، قدمت الكتلة مطالب أخرى سنة 1936 مع وصول الجبهة الشعبية الاشتراكية إلى الحكم بفرنسا، وشملت : حرية الصحافة، والتنقل، والتجمعات، وتأسيس الجمعيات والمدارس، وإصلاح القضاء، وتخفيض الضرائب، وغيرها من المطالب تحت اسم " المطالب المستعجلة للشعب المغربي " لكنها لم تلقى استجابة من سلطات الحماية الفرنسية والاسبانية، فانتقل عمل الحركة الوطنية من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال، مستفيدة من ظروف الحرب العالمية الثانية .
2 - تطور الحركة الوطنية من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال:
الصراع مع سلطات الحماية: تجلى نضال السلطان محمد الخامس الذي يمثل القيادة العليا للحركة الوطنية في مطالبته الحكومة الفرنسية بوضع حد لنظام الحماية خلال رحلته إلى فرنسا سنة 1945 م، وفي رحلته إلى طنجة سنة 1947 م، حيث أكد في خطابه على وحدة المغرب الترابية تحت سلطة ملكه الشرعية، وأن مستقبل المغرب مرتبط بالإسلام والجامعة العربية التي تأسست في 1945 م، وفي سنة 1950 م قدم السلطان مذكرة لفرنسا تهدف إلى تجاوز مشكلة الإصلاحات لتحقيق الاستقلال.
نفي السلطان محمد الخامس: بعد فشل الإقامة العامة في فك الارتباط الحاصل بين السلطان والتنظيمات السياسية، استغلت في سنة 1952 م فرصة قيام مظاهرات بالمدن المغربية احتجاجا على اغتيال الزعيم النقابي التونسي " فرحات حشاد"، لتقوم باعتقال الزعماء السياسيين، ومنع الأحزاب والصحف، وإطلاق النار على المتظاهرين، كما عملت فرنسا بمساعدة القواد الكبار وزعماء الطرق الدينية ( الكلاوي، وعبد الحي الكتاني ) على عزل السلطان محمد بن يوسف وتعيين أحد أفراد أسرته محمد بن عرفة على العرش، وفي 20 غشت 1953 م ليلة عيد الأضحى، تم نفي محمد الخامس وأسرته إلى جزيرة كورسيكا ثم إلى جزيرة مدغشقر .
اندلاع ثورة الملك والشعب: ألهب نفي السلطان محمد الخامس الشعور الوطني لدى المغاربة ، واتخذت مقاومتهم للاحتلال أساليب جديدة ، فكان السكان يقاطعون المساجد التي تؤدى الصلاة بها باسم "بن عرفة ،" ويعزفون عن استعمال البضائع الأجنبية، كما تصاعدت حدة المظاهرات المطالبة بعودة الملك الشرعي وباستقلال المغرب ، وفي نفس الوقت تطور عمل الحركة الوطنية نحو الكفاح المسلح ، كما انتشرت في المدن العمليات الفدائية ( محاولة الشهيد علال ابن عبدالله غتيال بن عرفة ،) كما قام جيش التحرير الذي تأسس سنة 1955 م بمهاجمة الفرنسيين والأسبان في عدة مناطق و أمام هذه الأوضاع أجبرت فرنسا على الدخول في مفاوضات مع المغرب .
عودة الملك واستقلال المغرب: حصل المغرب على تأييد الجامعة العربية وحركة دول عدم الانحياز لرفع قضية المغرب إلى الأمم المتحدة، مما دفع السلطات الفرنسية إلى التفاوض مع السلطان وقادة الحركة الوطنية بمدينة إيكس ليبان Aix les bains ، وانتهت المفاوضات بعودة السلطان محمد الخامس إلى المغرب في 16 نونبر 1955 م، وتوقيع اتفاقية الاستقلال في 2 مارس 1956 مع م فرنسا، ثم اتفاقية في أبريل مع إسبانيا.
II - مراحل استكمال وحدة المغرب الترابية :
1 - المناطق التي استرجعها المغرب بعد نيل الاستقلال :
مباشرة بعد اعتراف فرنسا باستقلال المغرب سنة 1956 م وقع على اتفاقية مماثلة مع اسبانيا بشأن المنطقة الشمالية تنص على إلغاء الحماية الإسبانية عنها، وفي سنة 1957 م ألغي الوضع الدولي الذي كانت عليه مدينة طنجة، كما تم استرجاع إقليم طرفاية في أبريل 1958 م من يد الاسبان ، وبعد مفاوضات صعبة بين المغرب وإسبانيا تم استرجاع منطقة سيدي افني سنة 1969م، ومنذ الاستقلال بذل المغرب مساعيه من أجل استرجاع الأقاليم الصحراوية ، وبتمادي الحكومة الإسبانية في موقفها الرافض لأي تسوية أعلن المغفور له الحسن الثاني عن تنظيم المسيرة الخضراء التي انتهت باسترجاع إقليم الساقية الحمراء سنة 1975 م، ووادي الذهب سنة 1979 م بعد تخلي موريتانيا عن هذا الأخير .
2 - الأساليب التي نهجها المغرب في استكمال وحدته الترابية :
- لجأ المغرب في استكمال وحدته الترابية إلى اعتماد التفاوض السلمي بالخصوص، وتجلى ذلك في:
- استرجاع منطقة طنجة في 29 اكتوبر 1956 م، وتم إلغاء النظام الدولي .
- استرجاع إقليم طرفاية في 10 ابريل 1958 م بعد مفاوضات سلمية وطويلة مع إسبانيا .
- استرجاع إقليم سيدي افني في 30 يونيو 1969 م بعد الزيارة التي قام بها الملك الحسن الثاني إلى مدريد ، حيث اقنع الإسباني بضرورة تنفيذ قرار الأمم المتحدة الذي أقر عودة سيدي افني إلى المغرب .
- بعد إصرار اسبانيا على الاستمرار في استعمار المناطق الجنوبية المغربية، عرض المغرب قضيته على محكمة العدل الدولية، ف أصدرت حكمها يوم 16 أكتوبر 1975 م الذي أكد على وجود روابط البيعة بين القبائل الصحراوية وسلطان المغرب، وفي 6 نونبر 1975 م كانت المسيرة الخضراء نحو مناطق الساقية الحمراء .
- في 14 غشت 1979 م استرجع المغرب إقليم وادي الذهب .
وبقيت سبتة ومليلية والجزر الجعفرية بيد الإسبان حتى الآن.
خاتمة :
واجه المغاربة الاحتلال الأجنبي بطرق مختلفة تمثلت في المقاومة المسلحة والنضال السياسي، وقدموا تضحيات جسيمة للحصول على الاستقلال، ثم اتجه بعد ذلك نحو استكمال وحدته الترابية والسير في طريق التنمية.